١- الصيام خير معين على تقوى الرحمن فالصيام عبادة جليلة وله ثمار عظيمة، ومنها التقوى الله جل وعلا، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ﴾[الْبَقَرَةُ:١٨٥]. فهو خير عون على تقوى الرحمن؛ لما للصوم من تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة، وحمايتها من العوارض والفساد. 🗒 قال الحافظ ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد» (٢/٢٧-٢٨): فَهُوَ لِجَامُ الْمُتّقِينَ، وَجُنّةُ الْمُحَارِبِينَ، وَرِيَاضَةُ الْأَبْرَارِ وَالْمُقَرّبِينَ، وَهُوَ لِرَبّ الْعَالَمِينَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ؛ فَإِنّ الصّائِمَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا، وَإِنّمَا يَتْرُكُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِ مَعْبُودِهِ، فَهُوَ تَرْكُ مَحْبُوبَاتِ النّفْسِ وَتَلَذّذَاتِهَا إيثَارًا لِمَحَبّةِ اللّهِ وَمَرْضَاتِهِ، وَهُوَ سِرّ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبّهِ لَا يَطّلِعُ عَلَيْهِ سِوَاهُ. وَالْعِبَادُ قَدْ يَطّلِعُونَ مِنْهُ عَلَى تَرْكِ الْمُفْطِرَاتِ الظّاهِرَةِ، وَأَمّا كَوْنُهُ تَرْكَ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَشَهْوَتِهِ مِنْ أَجْلِ مَعْبُودِهِ فَهُوَ أَمْرٌ لَا يَطّلِعُ عَلَيْهِ بَشَرٌ، وَذَلِكَ حَقِيقَةُ الصّوْمِ. فَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ عَلَى التّقْوَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ﴾[الْبَقَرَةُ:١٨٥]. وَقَالَ النّبِيّ ﷺ: «الصّوْمُ جُنّةٌ». وَأَمَرَ ﷺ مَنْ اشْتَدّتْ عَلَيْهِ شَهْوَةُ النّكَاحِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ بِالصّيَامِ، وَجَعَلَهُ وِجَاءَ هَذِهِ الشّهْوَةِ. وَالْمَقْصُودُ أَنّ مَصَالِحَ الصّوْمِ لَمّا كَانَتْ مَشْهُودَةً بِالْعُقُولِ السّلِيمَةِ، وَالْفِطَرِ الْمُسْتَقِيمَةِ؛ شَرَعَهُ اللّهُ لِعِبَادِهِ رَحْمَةً بِهِمْ وَإِحْسَانًا إلَيْهِمْ، وَحِمْيَةً لَهُمْ وَجُنّةً.
