
١٠- اختصاص شهر رمضان بالعمرة التي تعدل أجر الحج وقد خُصَّ المعتمر في شهر رمضان بأجرٍ عظيم، وثواب كبير، لا يُحَصِّله إلا بالعمرة في هذا الشهر، فالعمرة في شهر رمضان تعدل أجر الحج: ١- ففي «صحيح البخاري» (١٨٦٣)، و«صحيح مسلم» (١٢٥٦) عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ حَجَّتِهِ قَالَ لِأُمِّ سِنَانٍ الْأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها «مَا مَنَعَكِ مِنْ الْحَجِّ؟» قَالَتْ: أَبُو فُلَانٍ -تَعْنِي زَوْجَهَا- كَانَ لَهُ نَاضِحَانِ حَجَّ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَالْآخَرُ يَسْقِي أَرْضًا لَنَا. قَالَ: «فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي». وفي رواية لهما: «فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فاعْتَمِرِي فِيهِ، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيه تعدل حجة». ٢- وفي «مسند أحمد» (١٤٧٩٥)، (١٤٨٨٢)، (١٥٢٧٠)، بإسناد صحيح، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً». ٣- وفي «مسند أحمد» (١٧٦٦١) بإسناد صحيح، عَنْ وَهْبِ بْنِ خَنْبَشٍ الطَّائِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً». ٤- وفي «مسند أحمد» (١٦٤٠٦) بإسناد صحيح، عن يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَامْرَأَتِهِ: «اعْتَمِرَا فِي رَمَضَانَ، فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ لَكُمَا كَحَجَّةٍ». ٥- وفي «مسند أحمد» (٢٧١٠٦) عَنْ أُمِّ مَعْقِلٍ الْأَسَدِيَّةِ قَالَتْ: أَرَادَتْ أُمِّي الْحَجَّ، وَكَانَ جَمَلُهَا أَعْجَفَ (أي ضعيف)، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «اعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ، فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ كَحَجَّةٍ». وهو صحيح لغيره. «الإرواء» (٨٦٩). ٦- وعند الدولابي في «الأسماء والكنى» (١/٤١) بإسناد جيد، عن أبي طليق رضي الله عنه: أن امرأته أم طليق أتته، فقالت له: حضر الحج يا أبا طليق! وكان له جمل وناقة، يحج على الناقة، ويغزو على الجمل، فسأَلَته أن يعطيها الجمل تحج عليه؟ فقال: ألم تعلمي أني حبسته في سبيل الله؟! قالت: إن الحج من سبيل الله؛ فأعطنيه يرحمك الله ! قال: ما أريد أن أعطيَكِ. قالت: فأعطني ناقتك وحج أنت على الجمل. قال: لا أوثركِ بها على نفسي. قالت: فأعطني من نفقتك. قال: ما عندي فضل عني وعن عيالي ما أخرج به، وما أترك لكم. قالت: إنك لو أعطيتني أخلفكها الله. قال: فلما أَبَيْتُ عليها، قالت: فإذا أتيت رسول الله ﷺ، فأَقْرِئْهُ مني السلام، وأخبره بالذي قلتُ لك. قال: فأتيت رسول الله ﷺ، فأقرأته منها السلام، وأخبرته بالذي قالت أم طليق، قال: «صَدَقت أمُّ طُلَيْقٍ؛ لو أعطيتَها الجمَلَ كان في سبيلِ اللهِ، ولو أعطيتها ناقتكَ كانت وكنتَ في سبيلِ اللهِ، ولو أعطيتها من نفقتِكَ أَخْلَفَكَها اللهُ». قال: وإنها تسألك يا رسول الله، ما يعدل الحج؟ قال: «عمرة في رمضان». «الصحيحة» (٣٠٦٩). 🗒 قال المناوي رحمه الله في «فيض القدير» (٤/٣٦١): أي تُقابلها وتُماثلها في الثواب؛ لأن الثواب يفضل بفضيلة الوقت، ولا تقوم مقامها في إسقاط الفرض بالإجماع. اهـ فينبغي لمن أعطاه الله عزوجل مالًا ألا يُفَوِّت على نفسه مثل هذه الفرصة العظيمة في رمضان، فقد كان الصحابة ي يتسابقون لذلك، ويتنافسون في الخيرات، ففي «صحيح البخاري» (٨٤٣)، و«صحيح مسلم» (٥٩٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جَاءَ الْفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ؛ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ… الحديث. والشاهد: أن رسول الله ﷺ أقرَّهم على أن الأغنياء بأعمالهم هذه –ومنها العمرة- قد سبقوا غيرهم.