كنوز الخير

نسيبة بنت كعب الأنصاري رضي الله عنها، المعروفة أيضًا بـ “أم عمارة”، هي بحق من أبرز النساء في تاريخ الإسلام، تجسد الشجاعة والإيمان والتضحية. لنستعرض تفاصيل حياتها ومواقفها البطولية:نشأتها وإسلامها:هي نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار الأنصارية الخزرجية. كانت من بني النجار، وهم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أمه آمنة بنت وهب.أسلمت نسيبة رضي الله عنها مبكرة في بيعة العقبة الثانية، حيث كانت من بين النساء القليلات اللاتي بايعن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هجرته إلى المدينة المنورة. هذا يدل على قوة إيمانها وشجاعتها في اعتناق الإسلام في وقت مبكر وصعب.دورها في المعارك:تُعرف نسيبة بنت كعب رضي الله عنها بشجاعتها وبسالتها في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في العديد من المواقف الصعبة. لم تقتصر مشاركتها على تقديم الدعم والإسعاف، بل كانت تقاتل ببسالة وتضرب الأعداء بنفسها. * غزوة أحد: هذا هو أبرز المواقف التي تجلت فيها شجاعة أم عمارة. عندما انكشف المسلمون وتراجعوا في بداية المعركة، ثبتت نسيبة مع قلة من الصحابة حول النبي صلى الله عليه وسلم تدافع عنه بسيفها وقوسها. رُوي أنها قاتلت قتال الأبطال، وكانت تتقي النبل عن النبي صلى الله عليه وسلم بصدرها. حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنها: “لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان”. وقد أُصيبت في هذه الغزوة بجروح كثيرة، منها جرح غائر في عنقها. * يوم حنين: شهدت نسيبة رضي الله عنها هذه الغزوة أيضًا، وكانت ثابتة مع النبي صلى الله عليه وسلم في وجه هجوم هوازن المفاجئ. * غزوة الخندق (الأحزاب): كانت حاضرة في هذه الغزوة، وقامت بمهام دعم وإسناد للمقاتلين. * بيعة الرضوان: كانت من بين الصحابة الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة في الحديبية. * معركة اليمامة: بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، شاركت نسيبة رضي الله عنها في قتال المرتدين في معركة اليمامة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه. قُتل في هذه المعركة ابنها حبيب بن زيد رضي الله عنه على يد مسيلمة الكذاب، الذي قطع أوصاله لأنه رفض أن يشهد له بالنبوة. ورغم هذا المصاب الجلل، صبرت واحتسبت. يُروى أنها قاتلت في هذه المعركة ببسالة وشجاعة حتى أُصيبت بجروح أخرى وفقدت إحدى يديها.مكانتها وفضلها:كانت نسيبة بنت كعب رضي الله عنها محل تقدير واحترام كبير من النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة. لما رآها النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد وهي تدافع عنه، قال: “من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟”.كانت امرأة صالحة ومؤمنة، تجسد قوة الإيمان والشجاعة والإقدام. يُنظر إليها كقدوة للمرأة المسلمة في التضحية والفداء والدفاع عن الحق.أبناؤها:أنجبت نسيبة رضي الله عنها ولدين هما: * عبد الله بن زيد المازني رضي الله عنه: شهد بيعة العقبة الثانية وشهد غزوة أحد وغيرها من المشاهد، وهو الذي رأى رؤيا الأذان وأخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم. * حبيب بن زيد المازني رضي الله عنه: قُتل شهيدًا في معركة اليمامة على يد مسيلمة الكذاب.وفاتها:توفيت نسيبة بنت كعب رضي الله عنها في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه.إن قصة نسيبة بنت كعب الأنصارية رضي الله عنها هي قصة إيمان راسخ وشجاعة نادرة وتضحية عظيمة في سبيل الله ورسوله. إنها نموذج للمرأة المسلمة القوية التي لم تتردد في الدفاع عن دينها ونبيها بنفسها ومالها.