
المقدمة الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: الدنيا محل اختبار وابتلاء، ودار امتحان واصطفاء، قال تعالى : الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت: 1-3]. فهذا يبتلى في دينه, وهذا يبتلى في أهله وأبنائه, وهذا يبتلى في جسده وصحته, وهذا يبتلى في ماله, وهذا يبتلى في وظيفته, وهذا يبتلى في جاهه وسلطانه, وهذا الابتلاء هو الذي يبين معادن الناس، فيثبت على الحق أهل الإيمان والتقوى، ويزل عن الطريق أهل العصيان والنفاق. فالابتلاء إذًا سنة كونية لا يخلو منها بشر فضلاً عن أهل الإيمان وأولهم الرسل عليهم الصلاة والسلام… فكم لاقوا من شدائد؟ وكم جابهوا من محن؟ وكم صبروا على البلاء؟ وكم ضاقت عليهم الدنيا بما رحبت، فما يئسوا ولا جزعوا ولا استكانوا لعدوهم؛ بل جاهدوا في الله حق جهاده، وصدقوا في ميدان الصدق، وثبتوا في ميدان الثبواات، حتى جاءهم نصر الله، وأدركتهم رحمته، فقطع دابر الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين.